السعودية الصين في خندق واحد
بقلم الدكتور أحمد خلف الظفيري
"مهما طال الطريق فإن الإصرار على السير سيوصلنا إلى الهدف" -- كأن هذه العبارة تمثل بداية قصتي، فقد هزت كياني وأعادتني إلى بداية شبابي، وذلك عندما هبطت الطائرة التي كانت تقلني في مدرج مطار بكين رقم ١ عام ١٩٩٨. حينها كنت مرتبكا وخائفا لأنها المرة الأولى التي أزور فيها الصين. وأنا حديث عهد بهذا البلد، ولم أك أتحدث أي لغة تساعدني على التفاهم مع أهله سوى مفردات بسيطة ومحدودة من اللغة الإنجليزية. وعندما أعاد لي ضابط الجوازات جواز سفري، ابتسم قائلا: أهلا وسهلا بك في بلدك الثاني الصين. شرحت تلك العبارة صدري وفرحت وأيقنت أني وصلت لوجهتي التي أستطيع أن أحقق فيها مستقبلي.
توجهت إلى لجامعة التي سأبدأ فيها مشوار حياتي، وهي جامعة اللغات الأجنبية. وعندها قلت في نفسي: هل يمكن أن أتعلم اللغة الصينية هذه اللغة الصعبة ؟. فيما بعد، تعرفت في الجامعة على صديق صيني يتكلم العربية بطلاقة. وما زلتُ أذكر كلماته عندما أخبرته بخشيتي من عدم مقدرتي على تعلم اللغة الصينية، فقال إن الطريق طويل يا أخي أحمد، ولكن بالإصرار ستصل إلى الهدف.
الآن، وأنا أكتب هذه الكلمات أتذكر عبارة الرئيس شي جين بينغ " مهما طال الطريق فإن الإصرار على السير سيوصلنا إلى الهدف" وها أنا الآن بعد عشرين عاما من ذلك اليوم، قد أكملت دراسة البكالوريوس والماجستير ثم الدكتوراة من جامعة بيخانق للعلوم والطيران. قضيت كل هذه الفترة في الصين، وزرت خلالها معظم مقاطعات ومدن وقرى البلاد. وأعجبت بالعادات والتقاليد الصينية التي هي قريبة جدا من عادات العربية. بل اكتشفت أن الشعب الصيني شعب كريم في طباعه، حيث اكتسبت المعرفة والخبرة من هذا الشعب الطيب المسالم المحب لبلده ووطنه. وذلك ما شجعني على الإقامة في الصين. وها هو ذا البلد العظيم المليئ بالخبرات والكفاءات قد أصبح من الدول المؤثرة على الساحة الدولية بفضل سرعة عجلة تنميته التي أثارت إعجاب العالم أجمع ونموه الاقتصادي وإحرازه مرتبة ثاني أقوى اقتصاد عالمي.
ونحن في بداية هذه السنة، وهي السنة القمرية أوما يطلق عليه عيد الربيع، وهي سنة مهمة للشعب الصيني حيث إنها مرتبطة بماضي الصينيين وحاضرهم. وفيها الإحساس بتلك الثقافة العريقة المتجذرة لنحو خمسة آلاف سنة، تلك الثقافة التي يجتمع فيها جميع أفراد العائلة الواحدة للاحتفال بتلك العادات، ويرحل الملايين من المدن الكبرى التي يعملون فيها إلى مدنهم وقراهم في جميع أنحاء البلاد لقضاء عيد الربيع بين أهلهم إلا أن بداية هذه العام كانت مختلفة، حيث تفجرت أزمة فيروس كورونا التي سببت مشاعر الحزن لهذا الشعب العظيم، ولاسيما الموجودين في مدينة ووهان الحبيبة