العربية

ما هو المنتظر من قمة الديمقراطيات؟

CRI2021-12-09 13:35:04
Share
Share this with Close
Messenger Pinterest LinkedIn

بقلم: أ. د. بثينة شعبان

تُعقد في واشنطن في الفترة كانون الأول قمة افتراضية للديمقراطية على أن تعقد النسخة الثانية في نهاية العام المقبل حضورياً. وتعتبر هذه القمة تنفيذاً لتعهد الرئيس بايدن من خلال حملته الانتخابية بأن تعود بلاده لتأدية دور قيادي في علاقتها مع حلفائها حول العالم. إذاً الهدف الأساس هو استعادة الدور القيادي للولايات المتحدة بالتعاون مع حلفائها وليس من خلال إجراءات حقيقية على الأرض تعالج مواقع الخلل أو مواطن التراجع في هذا الدور القيادي الذي تهدف القمة إلى استعادته؛ أي إن المبادرة بحد ذاتها تتضمن اعترافاً ولو ضمنياً بأن دور الولايات المتحدة القيادي في العالم آخذ في التراجع وهو بحاجة إلى علاج. والسؤال هو: هل هذه القمة هي العلاج المطلوب أو هل هذه هي المبادرة التي ستؤدي النتائج المرجوة؟

لقد بدأت الدراسات والتحليلات والآراء حول هذه القمة قبل انعقادها تُظهر أن المعايير التي استندت إليها الدعوات، إن كانت هناك من معايير، هي معايير فاشلة ولم تبرهن على أي اتساق بين الهدف والإجراء ولا بين الشكل والمضمون؛ فقد تمّ دعوة 110 دول وتمّ استبعاد الصين وروسيا بينما تمت دعوة تايوان والفلبين لموازنة النفوذ الصيني، والباكستان التي تتمتع بعلاقات متينة مع الصين ربما لمحاولة إغرائها بالتعاون إقليمياً مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، كما تمت دعوة أوكرانيا لمقاومة النفوذ الروسي. كما تمّ استبعاد الوطن العربي برمته ماعدا العراق كي تقنع الولايات المتحدة نفسها أن غزوها للعراق في عام 2003 وكل الكوارث التي يرزح تحتها الشعب العراقي قد أنتجت ديمقراطية ورفعت من شأن العراق إلى مصاف الدول الديمقراطية. أما أن يُدعى الكيان الصهيوني الذي يمارس نظام الفصل العنصري ضد السكان العرب الأصليين ويقتل ويدمر وينتهك كل حقوق البشر والزرع والحجر فهذه هي ضربة قاصمة لتعريف الديمقراطية التي يتبنون.

منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وتحكّم الولايات المتحدة بقيادة القطب الواحد في العالم يحاول الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة أن يثبت لسكان الأرض أن الديمقراطية الليبرالية التي تعتمدها الدول الغربية هي النسخة الوحيدة للديمقراطية المعترف بها عالمياً، وأن المعيار لمن هو ديمقراطي أو غير ديمقراطي يمتلكه الغرب ولا يمكن لأي دولة في العالم أن تقرّر من النظام الديمقراطي إلا الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، وهنا بالذات يقع موطن الخلل الأساسي.

فطبيعة الحياة تفترض أن كل دولة وكل شعب ينتج نظامه السياسي النابع من حضارته وقيمه وتاريخه والمستند إلى معتقدات وموروث شعبه والمنسجم مع هذا الموروث ومع طموحات وتطلعات هذا الشعب، ولا يمكن لواشنطن أن تحكم على كل شعوب الأرض بما هو الأنسب لهم وما هو النظام الأفضل لتحقيق كرامة ورخاء الإنسان، خاصة إذا كانت أحكام واشنطن تعتمد على مصالحها من التحالفات وتضرب عرض الحائط بأسمى القيم الديمقراطية والإنسانية حين لا تنسجم مع مصلحتها المباشرة ومع مخططاتها الآنية والمستقبلية.

123全文 3 下一页
Messenger Pinterest LinkedIn